24‏/12‏/2012

حكايات مُسافر المدينة


مُعظمنا يتمنى أن يُسافر فيعرف مدناً وثقافات وعادات جديدة، وعندما نُقابل أحدا كان بالخارج نقضي معه الجلسات الطويلة وليالي السمر يحدثنا فيها عما شاهدته عينه وسمعته أذنه ،، لكن..
لا أجمل من البساطة في الحياة، ولا أجمل من مسافر يجوب البلاد بعين طفل تبهره مظاهر الأشياء وبعقل رجلٍ واعٍ مثقف يُحكٍّم ما يرى .. ويتأمَّل،،


مُسافرٌ مصريُّ الجنسية عربيٌّ من أفريقيا ، رأى في شعره الأكرت رمزاً لوسامته في ألمانيا ، وفي فلسفته وتأمله ملجأً في روما، وفي ثقافته مسعاً في باريس ، وفي حيادته سلاماً في لندن، وفي لبنان أنفق ليراته تحت الضغط ، اما في طرابلس كانت العراقة !

جلست و د. مصطفى محمود - رحمه الله -  يوماً وليلة ، يروى لي في كتابه "حكايات مسافر المدينة" أحداث رحلاته التي قام بها في أواخر الخمسينات و في الستينات ويصوِّر ما رأه ، فرسمتُ كلماته بلوحات لأعيش تفاصيلها أكثر، وأشعر وكأنني كنت معه في جولاته ،،
 وبدوري التقطت لكم بعض أجمل ما شاهدت فيما يلي..


الليالي الحمراء في ألمانيا
لم تكن توجد فروق كافية تجعل من ألمانيا .. ألمانيا .. كنت أحس بالانسان وقد سقطت عنه البطاقة التي تحدد مكانه على الأطلس فأُصبح مجرد شخص يمكن أن يكون أنا أو أنت أو هو أو هي .. أو أي انسان .. وكنت أحس بأن كل الأطفال يمكن أن يكونوا أطفالي، وكل العجائز يمكن أن يكون آبائي، وكل الدنيا يمكن أن تكون وطني، وأحسست أن الجغرافيا علم قبيح يجعل من العالم مائة دولة ومائة لغة ومائة جنسية.



تأمُّلات في روما
تساءلت ما الذي يجعل روما .. روما ؟!
فأجابتني التماثيل في كل شارع وزقاق وميدان ،، كانت المدينة تبدو كمتحف بدون أسوار وبدون باب، في كل مكان تجد تمثالاً قديما ونافورة، وفي كل شبر تجد خرابة أثرية على بابها العسكري، ولو تصَّورتَ أحشاء الهرم الأكبر، وأحشاء معابد الأقصر وقد خرجت لتحتل ميادين القاهرة الرئيسية وتتناثر في شوارعها الرئيسية .. فهذه هي روما !



الفلسفة الباريسية
في باريس آثار فرعونية معروضة بذوق أجمل مما هي في المتحف القديم في مصر -والذي يشبه من كثرة التكدس- صندوق زبالة كبيراً ،، ونجد في باريس مخطوطات ابن سينا وجابر بن حيان ونفائس غالية من تراثنا العربي لا نجدها في بلادنا، ونجد في باريس صحفاً جادة تنشر مقالات مطولة مدعمة بالإحصاءات والهوامش والدراسات والتعليقات العميقة والمناقشات الحرة .. صحفاً لها رواج ولها قراء بمئات الآلاف.



لقطات من لندن
لا زلنا نتكلم عن انهيار الغرب ونهنئ بعضنا بأن إنجلترا انتهت، والمجتمع الأوروبي تعفّن، وأكثر من هذا نسوق الأدلة والبراهين، فظهور الأدب الأسود ومسرح اللامعقول والسيريالزم هي دلائل النهاية، وننسى أنها دلائل خصوبة وقدرة على الابتكار والتلوين، دلائل طقس فني واجتماعي حر يسمح لألف زهرة بأن تتفتح، ويسمح بالاتهام ولو كان نصبا للمشانق .





لبنان بلد المتناقضات
لبنان "هونج كونج" الشرق الأوسط التي تفتح صدرها لكل أبناء آدم .. دمها خفيف جداً .. فقد أقنعت الجميع بأنها حصَّالة مأمونة، يستطيع كل واحد أن يحوش فيها فلوسه بدون أن يجد من يسأله عن ملته أو نحلته أو الطريقة التي حصل بها على الفلوس .. الكل سواء أمام البنك المركزي لا فرق بين درزي أو مجوسي أو نيام نيام من آكلي لحوم البشر .. الأحضان مفتوحة للجميع .. وأهلا وسهلا .. تكرم .. يعطيك العافية .. عيوني .. الله معك .. قبضني .. ساوى حالى .. الله يخليك..



أيام في طرابلس
كلما زاد عمر النبيذ في الدنان زاد سعره .. هكذا يقول المدمنون ،،
والحضارات شأنها شأن الأنبذة كلما ضربت بجذورها في الزمن زادت عراقة ونبلاً ، وكذلك المدن عظمتها بتاريخها ونصيبها من تقلب الأحداث..
كان هذا ما خطر لي وأنا أتمشى على شاطئ طرابلس .. فكل ذرة رمل كانت تقول لي .. هنا تاريخ !
 لقد شهدّتِ أياماً يا طرابلس..





إلى هنا .. وتنتهي جولتنا ;)



تحياتي 



مناسبة جداً !





Yanni... November Sky










03‏/12‏/2012

إعترافات عُشَّاق

 
 
 
يا سيدي..
 
إنك لا تقابل الا نفسك في القدر،
 كن كاذباً تُسرع اليك الأكاذيب ،
كن لصاً تتشبَّث بك الجرائم ،
في أي طريق تذهب لن يكون قدرك الا صورة من نفسك !
 
إن نهاية الحياة الدافق ينساب تحت قبة السماء،
 ويجري بين حيطان السجون،
وإنما كل ما يعنينا هو حجم الكأس التي نغمرها في مياهه ،
وإن هذه الكأس لتأخذ دائماً شكل أفكارنا ورغباتنا وتساوي سعة أشواقنا..
 
إن حظك من الحب عادل يا صديقي الصعلوك ،، والكأس التي تشربها تساوي سعة قلبك ولون ضميرك !
 
 
 
مما ورد - اعترافات عشَّاق


Beethoven - Love Story



 
Listen & Relax

 
 
 
 
 
 
 
 
 

09‏/11‏/2012

لن ألعب الشطرنج مرة أخرى


كئيب/مزاجيّ/مُسيو/تركوازي/قيس/وزير/جبران/موسيقى/طفل/أديب/شرقي/.../مراوغ/بليد/معقد/بسيط .. كش ملك!


لن ألعب الشطرنج مرة اخرى هي مجموعة قصصية اقرب ما تكون الى خواطر لـ صدقي ممدوح اجتمعت في 46 صفحة بسيطة الفحوى جميلة الكلمات .. استحقّت مني جلسة واحدة .. فما ان تبدأ بقراءة الصفحة الاولى حتى تجذبك صيغة الـ "أنا" المُستهل بها، ليولد لديك فضول لمعرفة ما يليها ويليها، الى ان تصل النهاية حتى تشعر بانك تفارق صديقا !

بعضٌ مما أعجبني ..

دون تخطيط مسبق وسّعت الصالة كيفما سمح
واحضرت طاولة ومقعدين وباقة ورد ذابلة عاداها الاعتناء
وصنعت ديكورا سريعا لما يشبه مقهى او مطعم وجلبت ورقة بيضاء
 كتبت عليها بخط عريض اسما فرنسيا، نسائيا واخترت "بريغيت" !
بللت شعري بالماء وسرّحته بطريقة معينة،
 ثم توجهت الى دولاب الثياب وانتقيت جاكيت كاروهات،
 ارتديته بهدوء تمثيلي قبل ان اتنحنح بطريقة دبلوماسية،
 عدت بعدها الى الصالة بخطوات وانحنيت امام الورقة قائلاً: بونسواغ مدموازيل : )
_____

انه يدرك تماما بانه في منطقة وسطى من الأشياء،
 يحب الحياة ويخافها، ليس متشائما وليس متفائلا،
 الانتماء واللاانتماء، حتى نفسه لا يمكنه تحديد مساحة ثابتة منها،
 دائما هناك مد وجزر،
الحياة: مرة ملوّنة ومرة بالابيض والاسود .. 
ماذا يريد ؟ عن ماذا يبحث؟ كيف يكون؟ الى اين يذهب ؟ من يسأل ؟!
_____

وقفت قُبالة بحر الوجود، أمتص ثباته واعطيه ضعفي،
 فردتُ فوقه مربعات كثيرة،  سوداء وبيضاء، لا اعلم عددها ولا يعنيني ان اعرف ..
رتبت صفوفي .. جنودي.. أحصنتي.. فيَلتي .. قلاعي .. وزيري وملكي،
 سأتحرك بشعور غريزي بحت،
انا لم أكسب لعبةً واحدة قط ..
لكن سألعب الشطرنج مرة اخرى، حتى لو مُنّيت بـهزائم أخرى،
 أجل .. هناك نوع من الهزائم تفوق لذته ألف انتصار !
سألعب الشطرنج مرة أخرى .. وحرّكت أول جنودي.




الى من يستحقها..




ZADE-Santiago's Dream- One Night in Jordan





15‏/10‏/2012

ألزهايمـر "أقصوصـة"


مؤلم ان تبحث كالتائه في أزقة الذاكرة فلا تجد سوى ظلام حالك ،، مؤلم ان تنسى شخصا .. صورة .. كلمة ..حدثاَ كان يوماَ ما او للحظة ما أجمل ما عشته ..
تخيل ان تعيش حياتكـ وكل مُدخل فيها هو مُخرج في اللحظة ذاتها! .. تخيل ان تنظر الى زوجتك فتنسى اسمها او من تكون لك .. او تخرج الى الشارع فتنسى طريق العودة .. او حتى تنسى كيف يكون الكلام وكيف ترتدي ثيابك،،

حينها تتساءل .. هل ما اعيشه حياة ام شِبه ؟!


هذا تماما ما تحدّث عنه الكاتب غازي القصيبي في "أقصوصته" ألزهايمر ، وأظن ان هذا المرض وصلت شهرته حد الهزل في أحاديث البعض،،
يروى الكاتب قصة "يعقوب العريان" وهو في المرحلة الاولى من ألزهايمر، وتفاصيل ما يعانيه ويعيشه برسائل كتبها يعقوب اثناء تواجده في مركز ألزهايمر في جامعة جورج تاون الى زوجته - التي لم تكن على علم بمرضه ولا بمكانه – يتحدث فيها عن المرض (الأرستقراطي) ، وعن سبب اخفاء امر مرضه عن زوجته ، وعن أصدقائه المرضى في المركز، وعن التعاسة التي يعيشها كل لحظة بسبب عدم قدرته على تذكر ما بامكانه اسعاده ..

الرسائل وصلتها من الدكتور جيمس ماكدونالد بعد وفاة زوجها اثر نوبة قلبية حادة ومفاجأة ، وفي طيها الآتي :

عزيزتي،

أشعر انه من الضروري ان اعطيك فكرة عن مرضي ، انا واثق انك سمعت عنه من قبل ولكني اشك ان لديك فكرة وافيه عنه، "ألزهايمر" اذا اردنا الدقة هو ليس اسم المرض ولكن اسم الجراح الالماني الذي اكتشف المرض آلويس ألزهايمر في سنة 1906 ، كان هذا الجراح يشرح مريضا عندما اكتشف تلفاَ من نوع خاص في خلايا المخ لم يلاحظه احد من قبل، وسمي المرض باسم الطبيب المكتشف.

عزيزتي،

سبحان الله ! هل للذكريات حياة ؟ هل لها روح؟ هل لها عقل ؟ هل تشعر انها بعد حين لن تجد مأوى في الذاكرة فتضطر الى الهيام شريدة طريدة بلا ملجأ ؟ هل هذه الذكريات كالارواح المنكودة التي غادرت اجسادها ولم تستطع التحرر من سجن الارض فاصبحت ارواحا ضائعة لا يؤويها احد ؟ وهل هناك تراتبية بين الذكريات؟ هل هناك طبقية ؟ هل هناك تفرقة كالتي تميّز بين بشر من الدرجة الاولى وبشر من الدرجة الثانية وبشر تحت خط التصنيف ؟ لم تكن هذه الاسئلة مهمة في الماضي، ولكنها، الآن ، تتطلب أجوبة.

عزيزتي،

كما أعرف ان صديقي ألزهايمر لا يفرّق بين شئ جيد وشئ سئ ، لا يفّرق بين ذكرى القبلة الحالمة وذكرى الطعنة القاتلة، لا يفرق بين ما فعله الاعداء وما فعله الاصدقاء، يمحو كل شئ ولعله يمحو الاشياء الطيبة قبل الاشياء الرديئة، وعندما يذهب كل شئ اي معنى يبقى للسعادة؟ ما هي السعادة؟ اليست السعادة في التحليل النهائي ، مجموع التجارب السعيدة ؟ بلا ذاكرة لا توجد تجارب .. لا يوجد سوى فراغ .. فراغ الموت.

عزيزتي،

لا يضرك ان تعرفي باختصار شديد ومن دون اي مبالغة بيانية ما يحدث في كل مرحلة من مراحل المرض الثلاث؛ في بداية المرحلة الاولى يبدا المريض نسيان مواعيده ولا ينتبه الى مرور الوقت ولا يتذكر احداث الماضي القريب ، وفي نهاية المرحلة ينزع الى العزلة والانطواء ويتفوّه بجمل لا تحمل معنى محدداً وينسى الكثير من الكلمات التي كان يعرفها . وتبدأ المرحلة الثانية بعجز المريض عن القيام بامور يدوية مثل شبك الازارير كما يجد صعوبة في فهم الكلمات ، وتنتهي هذه المرحلة والمريض في حاجة الى من يساعده في الحركة ، ويعاني من نوبات الغضب والاحباط. اما المرحلة الثالثة فتبدأ بعجزه عن القيام بما يقوم به الانسان الطبيعي في دورة المياه وتنتهي بان يصبح كومة بشرية لا تستطيع القيام بشئ .. أي شئ ! من دون مساعدة الآخرين.

عافانا الله وإياكم..



! For You To Remember




Yanni - Before I Go..






03‏/07‏/2012

كُل .. صلِّ .. أحِب


 لا تملُّ الحياة من صفع .. ونحن بين ذلك هيامٌ بجذبٍ وشدٍ، لكن حين يموت بداخلك اجمل ما فيك، وتنظر للحياة نظرة بئيسة، ويغدو البكاء هو الطبيب الوحيد لالم يعتصرك، حينها .. كُل .. صلِّ .. أحِب


هذا عنوان الكتاب الذي كان على قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر رواجا لأكثر من سنتين، للكاتبة الامريكية اليزابيث جيلبرت والتي اصبحت بفضله مؤلفة مشهورة ،، الكتاب يروي مذكّرات المؤلفة أثناء رحلة بحثها عن ذاتها التي تاهت منها في زحمة حياتها التعِسة، وانشغالها بعملها، وزواجها الذي باء بالفشل، حيث وجدت نفسها في مواجهة رجل لم تعد تعرفه يطالبها بكل ما تملك ثمنا لحريتها، وكان له ذلك..


امرأة تبحثُ عن كل شئ
بعد طلاقها صمّمت ان تعيش حياة حرّة .. ممتعة .. أسطوريّة .. صممت ان تكون سعيدة ! ،، فتعلمت الايطالية وسافرت الى ايطاليا .. أكلت أشهى الأطعمة مع اصدقائها، ثم سافرت الى الهند للبحث عن الروحانية بداخلها وبدأت تصلّي وتمارس التأمل في أحد المعابد، وأخيرا سافرت الى اندونيسيا ووقعت في حُب رجل برازيلي معالجةً به آخر ما تبقى من ندوب الحب والطلاق الأول .


الكتاب فيما بعد تم شرائه من قِبل شركة للانتاج السينمائي والتي انتجته فيلما ببطولة الممثلة الامريكية الشهيرة جوليا روبرتس، وفعلا الفيلم هو الاخر نال اقبالا ورواجا لا يقل عن الكتاب نفسه.  




Moment of Peace


Gregorian - The Moment Of Peace 

18‏/06‏/2012

بورتريه الوحدة



كانت هذه محاولتي الثانية لفهم اسلوب الكاتب محمد حامد، بعد قراءتي لروايته ارواح عارية، والتي نجح في تعبئة صفحاتها بكلام معبّر احيانا وطلاسم احيانا اخرى.
في بورتريه الوحدة كنت اشبه بفاقد البصر اتحسس ملامح اللوحة التي رسمها الكاتب في روايته، كانت قراءة متعبة، اقرأ السطر مرتين لاعرف ما علاقته بما قبله..


الرواية احتشت برسائل بين مي وماجد ،، ماجد رجل متزوج وعنده كندة، منفصل عن زوجته بشكل مؤقت،  اولى الرسائل كانت من مي و وصلت ماجد عن طريق الخطأ، لكن ماجد استغل الفرصة واخذ يراسل مي من باب التسلية !، ولانه لا اسهل من التحدث لغريب، فقد استرسل ماجد واتخذ مي صديقة مراسلة يفضفض لها بمكنونات نفسه ،،

هذه امثلة لبعض ما جاء في رسائل مي وماجد :

رسالة رقم: 45، في الوقت الذي كانت فيه العصافير تشحذ همّة بعضها لتستيقظ.

انا اكره المقدمات، تجلعني البداية دائما في حالة توتر كتائه على مفترق طرق ولديه فرصة وحيدة لاختيار المسار الذي سيمضي خلاله. وكأن الحياة كانت تنتظر ان تفرغ العائلة من تقرير مصيري بتحديد اسمي، ثم تبحث عن القدر المخبأ في صندوق مغلق بكلمة سر هي: أنا، وتفتحه ليتساقط القدر هتّانا فوق طريق حياتي فتنبت لحظاتي.
 "مي"

مؤلم جدا ان تاخذ الاشياء التافهة التي تحيط بنا كل هذه الاهمية، ونعجز ان نجد لذواتنا قيمة، نعجز ان نحقق لنا وللآخرين المكانة والمنزلة التي يستحقونها، الانسان فقط دونما هذه الممتلكات يستحق ان نحترمه، ونحترم عواطفه وعقله، ونتجاوز التفكير في –قيمتك ما تملكه- بل قيمتك انسانيتك !. 
"ماجد"

رسالة: 63، بينما تنقر العصافير أعواد القصب لتبني عشا، صنعت لنا الناي

اودّ ان الوذ بالسماء. هكذا تتابني حالة تجلّ لحظة تتجه الحياة نحو المساء ويهطل الظلام، افرغ ذاكرتي من ذكرياتي، وامضي برتابة نحو صومعتي، واخشع في تلاوة صمتي حتى ياتي السحر, أتوضأ بدعوات المنيبين، وأعلّق في اثرهم بقايا امنياتي، ثم الثم محاريب تبَتلهم، اتنفس رائحة حسناتهم، وبعدها اصلي لربي: ان يهب روحي الدفء والسكينة وانام، ولم أنم.
"مي"

يا الله هذا العالم يعرفني دون ان اتذكر اسمي. سأطلق على نفسي اسم دبوس صغير، ينتمي لذات القبيلة التي تعود اليها الابرة التي خاطت امي قميصي بها وظللت ابكي لاني اعتقدت ان القميص يتوجع. دبوس ولا اتذكر عدد المرات التي لم ابكِ فيها فيما بعد حينما عاودت امي خياطة قميصي وظننت انه لم يعد يتوجع بينما هو يتألم، وهذا السبب جعله يتوقف عن النمو بينما استمر جسدي يكبر. انا مسمار الان، واحتاج قميصا جديدا دون أكمام يستوعب جسدي، ثم أجهشت بالبكاء.
 "ماجد"
 ________
والطريف انه فيما بعد اكتشف ماجد ان الرسائل التي كانت تصله ما هي الا مزحة من صديقه باسل المحب للعبث والسخرية منه..

اما الأطرف او ما يُسمى بالحبكة المتقنة في الرواية هي ان رسائل ماجد ومي او باسل هي رسائل وهمية، ولم تكن سوى نسج خيال مي الفتاة المريضة بالتوحّد، نصحها معالجها النفسي بان تتخيل انها انثى طبيعية، فعلت وتخيلت اشياء كثيرة J



مني إلى المنهك بالكتابة..


Yiruma - Kiss The Rain