هذام العاصم ..
رجل ينايري حتى النخاع، يمقت نهايات الأعوام ويعشق بداياتها..يُحلّق نشّوة في يناير وفبراير، وينزوي كآبة في نوفمبر وديسمبر من كل عام ..
أنهكته البدايات والنهايات ويتوق لأن يستقر أخيرا بلا نهاية ، بلا جنائزية ديسمبر ولا فرائحية يناير..
سيكوباتي من الرياض من بيئة مازوشيّة يهوى السيطرة، القوة، التحكم، العنف، والاستباحة..
التقى بها في فبراير فجأة ! .. أرسلها القدر في وقت لم يكن فيه بانتظار أي مفاجآت قدرية.. تواطأ فالنتاين وكيوبيد والمطر واللون الأحمر عليه..فلم يقدر عليهم ولا عليها، وانهار حبا في شهر العشاق..
ولّادة..
مغرورة، عنيدة، مكابرة.. وتفوق ناريس في نرجسيته..عراقية صابئية غير مؤمنة، لكنها كانت تشابهه في أوجه عديدة.
متشرّدان جمعهما إيمانهما بأن الانتماء الى الأوطان، الأديان، العشائر، العائلات، القوانين.. ليس سوى قيد.. قيدٌ يجعل الحياة أصعب وأكثر تعقيداً، فاتّخذا الانسانية ديناً جامعاً لكل الأديان .. واعتنقوها..
تجربةٌ عندما بدأت، بدأت جامحة، وانتهت قابحة..برحيل ولّادة، دون سابق إنذار ..!
....مُلخَّصي للرواية
في ديسمبر تنتهي كل الأحلام ..
دراماتيكيّة مُحاكة بشكل مثير ،، بدءاً من العنوان، مروراً بليلى..المرأة الأولى في حياة هذام والتي غيّرت مجراها كلياً، انتهاءاً برحيل ولّادة، وتركها ابن العاصم يجرّ أذيال الخسارة والخذلان..في شهر ديسمبر !
أبدعت في تسطيرها الروائية الشابّة أثير عبد الله النشمي بواقع 182 صفحة من القطع المتوسط، استغرقتُ في قراءتها 4 ساعات متواصلة،، أعجبني أسلوبها اكثر من القصة ذاتها، فما أن يبدأ الملل بالتوغل الى نفْس القارئ..حتى تجدها خلقت حدثاً أو قصة على الهامش لتستعيد اهتمامه،،
وانا أيضا لا اريد للمل مكان هنا.. لذا سأترككم مع بعض الاقتباسات التي أعجبتني ..:)
- بعض الأحداث والحوادث التي تمر بنا تُعيد تشكيل حيواتنا من جديد، نشعر بعدها وكأننا ولدنا أشخاصا آخرين، أشخاصا لم يعودوا يشبهون انفسهم
- حينما تقع في مأساة ما.. تقوم القيامة "الدنيوية" ولا تقعد إلا لنلتفظ أنفاسنا، ولنستعدّ لقيام قيامة جديدة ..
- الحب هو هدية الله التي لا تقدر بثمن.. الحب حالة روحانية، حالة تجعلنا نتسامى الى أبعد حد، نتسامى الى حيث لا نعرف .. في الحب نشعر بأننا مباركون..مباركون للغاية.. نشعر بأن هالة من البياض تحيط بنا، بأن الله يحضننا بشدة، بأن الحياة أجمل من أن تكون مجرد محطة
- الوطن هو تلك الارض التي يلعن كل جميل فيها، والتي تلعن كل من يغادرها .. وليس أمامنا إلا أن نختار، فإما أن نشقى فيها وإما أن نشقى بعيدا عنها
- في حياة كل إمرئ ما، خيط رفيع يربطه بالحياة.. ما أن ينقطع هذا الخيط حتى نفقد الرغبة بالتنفس والاستيقاظ والتفكير والعيش!
- بعض الذكريات عندما تقفز في ذاكرتنا، وبعض "الماضيين" الذين يظهرون فجأة في حيواتنا بين الحين والاخر، يجعلوننا نبتسم لا سعادةً ولا تهكماً، بل لأن شيئاً ماضياً جميلاً، وأحيانا مراً، زارنا في وقت لم نتوقع فيه زيارات من الأمس البعيد ..
- لو ماتت إمرأة لأن زوجها خانها، لمات نصف نساء الكون.. بل جميعهم، لكن نصف هؤلاء هم الذين تنكشف خياناتهم امام نسائهم .
- للموت هيبة لا يضاهيها شئ، تكمن هيبته في أن شهود الموت لا صوت لهم.. فحينما يشهد أحدنا الموت.. يسكت صوته إلى الأبد.. فمن يذهب الى الموت لا يعود منه.. الموت خط لا رجعة له، خط ذهاب بلا إياب، طريق واحد يستقبل البشر لا يرسلهم، يأخذهم ولا يعيدهم.. فكيف نعرف الموت وكيف نفهم سره إن كانت الدروب تقضي إليه ولا ترتد منه أبداً ..؟!
- عندما تُبكينا الأغاني، فهذا يعني بأننا اما في أقصى حالات الوجع.. أو أنّنا في أشد أوقات الحاجة.. وكلا الشعورين أمرّ من العلقم .
- فولتير كان يُؤمن بأنه "لا يضيره ان ليس على راسه تاجا ما دام بيده قلم" كان يدرك أن الكتابة هي سر الخلود، كان يدرك بأن أعمالنا الأدبية هي التي تخلدنا..وإن كان الخلود لا يحقق لنا في حياتنا السعادة.. فالوجع هو طريق العظماء.. الشقاء يكتب لكل مبدع، لأن للخلود فاتورة يجب على العظيم دفعها ..فلا خلود بلا ثمن.. ولا إبداع بلا شقاء.
- في داخل كل إنسان وطن خاص به.. الإنسان لا ينتمي الى رقعة.. الإنسان ينتمي الى دواخله
- النساء في أقصى درجات الحب يعمين ويتهورن، لكن الرجال في أقصى حالاتهم يجنّون!..في كل قصص التاريخ لم أقابل امراة جُنّت بسبب الحب.. النساء وعلى الرغم من تطرّفهن العاطفي إلا أنهن يحافظن على عقولهن حتى في أكثر حالاته حدّة..في الحب تفرط المرأة بسمعتها، بسعادتها، بكرامتها، وبكبريائها وحتى بعائلتها..لكنها لا تفرط بعقلها أبداً وإن لم تستخدمه !..وهنّ غالبا لا يستخدمن عقولهن في الحب .. :S
- الموسيقى حالة لا تُفهم..لا تُفهم..حالة تجعلنا نشعر بكل ما يمكن أن نشعر به..الموسيقى تجرّدنا من كل ما هو مزيف..تزيل عنا التزييف،التدليس والبهرجة الكاذبة..الموسيقى حالة من حالات الخلق الانسانية كالكتابة تماما، فتأليف المقطوعات كتأليف الكتب.. كلاهما يتطلبان منك ان تتوحد مع ذاتك.. أن تنسل من كل شئ عداك...أن تتحرر روحك من جسدك فتتسامى حتى تتبخر ..فتصبح أثيرا ولا شئ سوى أثير..
- الحياة هي أنثى خائنة في كل يوم لها عشيق جديد.. أنثى مزاجية الهوى، أنثى لا تتمن بالسعادة قط !
- نحن لا نصل إلى اللذّة بتحقيقنا لما نتوق اليه ونرغب به، فاللذّة تكمن في الحرمان أحيانا.. كما أن للتحقق والوصول لذّة نشّوة وأخرى..مفهوم اللذّة معقد إلى درجة تتجاوز إدراكنا بكثير..
- الحياة اللغز، في مجموعة المتشابهات المختلفات المتناقضات، فكلنا نعيش الحكاية ذاتها..ولكل واحد منا حكايته الخاصة التي تشابه حكايات الآخرين وتختلف عنهم في الوقت ذاته..تجمعنا كلنا قصة واحدة بتفاصيل مختلفة، وتختلف قصصنا بتفاصيل متشابهة..وتظل الحياة سرّا لا يُفهم مهما حاولنا استيعابها..
- حكايات الحب التي نمر بها خلال حياتنا، هي تاريخنا الجميل، تصرفاتنا الحمقاء..أحلامنا الغبية، خيالاتنا اللامعقولة في الحب، هي ما تضحكنا عندما نتذكرها في وقت لا يُضحكنا فيه شئ..
- الحياة أحيانا تدفعنا لأن نتلوى ألماً حينما تجبرنا على أن نتقدم على خيارات مرة.. وفي الحياة نمر بهذا المأزق كثيراً..وما يخلّفه هذا الموقف/المأزق في دواخلنا لا يُمحى أبد الدّهر بل يبقى يقظاً، دامياً، مُلتهباً مهما مرّ عليه من الوقت ..هذه المواقف تجعلنا نقهر حتى نشعر بأن أرواحنا تكاد أن تتفتّق من الألم ..
- إن بعض خسائرنا ترتبط تلقائيا في أعماقنا بالموسم او بالشهر الذي خسرناها فيه..بالتالي يصبح هذا الموسم/الشهر..موسم تأبين بالنسبة لنا في كل عام..لأن ذكرياتنا تئن من خلاله في لاوعينا..وبالتالي تمر أيام الذكرى بحرارة وحزن ولا نفهم اسبابها..
وَمْضة: كل شئ يبتدئ لسبب، وكل شئ ينتهي لسبب آخر !
وفـي ديـسمبر تنتهي كــلُّ الأحــلام
تحيــاتي
^_^
لكل من قرأ هذه التدوينة، أرجو مشاركتنا الاقتباس الذي نال إعجابك :)