07‏/08‏/2016




كُرمى للأشياء التي لا تتكرر .. كُرمى للبدايات ،،








بنت مولانا
                           جلال الدين الرومي



ها نحن ذا ! ، واللقاء يعود من جديد مع الشخصية الصوفية الشهيرة "شمس الدين التبريزي" الذي ذاع صيته سابقاً وتحديداً في رواية "قواعد العشق الأربعون" (راجع هنا) إلاّ أن هذه المرة لم تُلقى الأضواء على جلال الدين الرومي كما سبق في قواعد العشق، ولكن تم التركيز على كيميا .. أو بنت مولانا



"نطق قلبها، أنتِ اللَّحن .. وأنت المعزوفة"

لم تكن كيميا ابنة جلال الدين الرومي الحقيقية؛ بل إنها وُلدت في قرية كـ غرسة في بلاد غريبة لأبٍ مسلم "فاروق" ولأمٍ مسيحية "؛آفدكيا"؛ وقد كانت طفلةً مفعمة بالحياة، مستعدة دوماً للضحك، تقفز على قدميها حين تُطلب منها معونة، يملؤها شغف التعلم والمعرفة على عكس أقرانها.
بين الحين والآخر كانت تصيبها حالات ذهول أو لحظات غريبة، تغيب فيها عن مسار الزمان والمكان .. لا تفهم ما يحدث عندئذ حيث تنسلُّ منها الحياة وتقف ساكنة كمن يُنصت الى صوت بعيد، لا تعي ظاهريا ما يحيط بها.

اختلاف كيميا عن أطفال القرية، وشُحُّ مصادر العلم الذي تسعى اليه، وحالات الذهول .. كل ذلك أثار خوف والديها، وما كان لهما إلى أن يسمعا نصيحة صديق لهما بأن تُرسل الى قونية حيث المعرفة والثقافات المتنوعة .. وحيث جلال الدين الرومي 


"ستشتد الريح والنار تكبر، الى ان تصبح النار في النهاية والريح والفراشة واحداً "

التقت كيميا ووالدها الذي رافقها في رحلتها الى قونية مع رجل الدين جلال الدين الرومي، حيث عرض الرومي على والدها تعليمها، ولم يعترض، ووافق على أن تقيم في منزله مع زوجته "كيره" وأبنائه "سلطان ولد" و "علاء الدين" و "عليم"

كان حينها جلال الدين رجل علم ودين فقط، يجلس في المعهد ويُقدِّم دروسه وكان له صيتٌ حَسن ومريدين، ثم يذهب الى منزله ليجد كيميا فيستمع لأحداث يومها وما تعلمته ويعلمها الفارسية او اليونانية .. وبعض أساليب الحياة.

حتى جاء قطب الصوفية شمس الدين التبريزي الى قونية، وقابل الرومي فاعتزلا ليصنع منه قطباً صوفياً آخر 


"دوست وتعني الرفيق، الحبيب، محط شوقنا"

كان لوجود شمس الدين وقعاً على الرومي وعائلته -كيميا بالتحديد- ، فقد اعتزل جلال الدين معهده وتوقف عن رؤية مريديه وبدت منه بعض المواقف التي اعتبرها اهل قونية مواقف "شاذة" عن الدين والعرف، كشُرب بعض النبيذ أوكـ حضور حفلاً موسيقياً على مرأى من الجميع.
الأمر الذي استجلب نقمة وعداء مريديه فاستمروا في مضايقة شمس حتى اضطروه الى مغادرة الرومي وقونية والعودة الى دمشق؛

لم يستطع جلال الدين تحمل غياب شمس، وبعث بابنه سلطان ولد للبحث عنه وإحضاره .. وهكذا فعل !، لكن بعد عودة شمس لم يزل جلال الدين متخوِّفاً من اختفاءه مرة أخرى .. فقرر له الزواج من كيميا 


تفتحي كشجرة يافعة ضبطت في عاصفة، فدعي العاصفة تمليك على هواها، لا تقاومي العاصفة، لا تجادلي العاصفة (كيف يتأتى للمرء ان يجادل الريح والمطر؟) واطردي الحزن عنك الآن وأبدا" 

تزوج شمس الدين التبريزي من كيميا، لكن قلبها لم يحتمل الاحتراق بنار القرب ولا ألم البعد اللذان عايشتهما في منزل شمس، وما كان له - قلبها- الأ ان أذعن .. فاحترق؛ ورحل شمس الدين بعد وفاة كيميا .. ليبدأ جلال الدين الرومي مهمته في نشر العشق.


"نور العشق يحيل جبلة الوجود الى ذهب"




رأيي في الراوية تجدونه هنا