18‏/07‏/2017

راوية الأفلام 

نادراً ما تشاهد فيلماً في كتاب! تستطيع أثناء قراءتك مشاهدة الأحداث وسماع حوار الشخصيات والتفاعل مع ما يُسرد بصورة عفوية، فتبتسم لشجاعة طفلة، وتتعاطف مع الوالد المصاب، وتشعر بالحقد اتجاه المرابي الدنئ .. وتحزن عندما تنقلب الأحداث نحو المأساوية ..

هذا ما تمكَن منه الروائي التشيلي إيرنان ليبيرا لتيلر بأسلوب أدبيّ مميز استطاع من خلاله إضفاء روح لشخصيات روايته القصيرة "راوية الأفلام" والتي جذبتني أحداثها لأنهيها في فترة مستقطعة وجيزة كما لو كانت استراحة في أحد المحطات

لاعلينا؛ فلننتقل إلى ملخّص الرواية .. ثلاثة، إثنان، واحد، إبدأ !


كانت بطلة الرواية تُدعى "ماريا مارغريتا" ، فتاة ترعرعت في معسكر منجمي بئيس، لأسرة فقيرة ولها أربعة أشقاء ووالد مصاب بشلل وحزن في قلبه بعد أن هجرته والدتها
 لم يكن لدى الناس هناك ما يشاهدونه أو يفعلونه في الأمسيات سوى السينما. فكان والد ماريا -بالرغم من ضعف دخله المادي- الا انه كان يجمع نقوداً كل أسبوع ويرشح أحد أبنائه للذهاب الى السينما .. ليحضر الفيلم ومن ثم العودة الى المنزل وإعادة سرده ما شاهد.

ذات يوم قام الوالد بعمل مسابقة لأولاده لأفضل راوي للفيلم، وفازت بها ماريا ! ومن هنا بدأت شهرة ماريا مارغريتا كأفضل راوية أفلام والتي أطلقت على نفسها فيما بعد "الحورية ديلسين"


انتشرت شهرة هذه الطفلة وكان سكان المعسكر يتوافدون الى بيتها لمشاهدتها وهي تقلد فناني السينما بحركاتهم واصواتهم ومحاكاة ثيابهن، ومنهم من كان يستدعيها الى منزله لتروي له ما يطلب، فهي حتى وان لم تكن شاهدت الفيلم سابقا كان بامكانها تأليفه !
كبرت ماريا وكانت روايتها للافلام بمثابة عمل يدر دخلا للاسرة، ولم يخلو الحال من بعض الأحداث المؤسفة التي تعرضت لها وأثرت على مسار حياتها،  ومنها وفاة والدها وسجن اخيها الكبر ووفاة اخيها الاصغر وهجرة اخويها الاخرين.

لكن الانقلاب الحقيقي كان عند ظهور التلفزيون او ما بات يعرف فيما بعد بالتيلي، الامر الذي قضى على مهنتها بشكل شبه تام فقد استبدل سكان المعسكر سينما الحورية ديلسين بسينما متنقلة حقيقية تعرض على جهاز وفي بيوتهم!

واصبحت حياة الحورية ديلسن ذات بطاقة التعريف المذهبة .. كما مدينة لا سكان فيها وبين الحين والاخر يزورها السياح لتعيد ذكرى طفولتها كفيلم لم يقدر له البقاء ..


انتهى ،،